السؤال.. السلام عليكم.. أنا عمري 36 سنة متزوجة, وأحب زوجي, ولي منه أطفال, والحمد لله.
اكتشفت أخيرًا أن زوجي متزوج في السر من إندونيسية كتابية, مع العلم أنه ملتزم, وهي تخرج سافرة, فكرت في الطلاق, ووافق عليه بسهولة, ثم تراجعت عن طلبي, وقلت: أعيش لأولادي, ولكني أتعذب كل يوم, ولا أحتمل الوضع.
الرجاء إفادتي أفاد كم الله, قيل لي: إنه مسحور, ويجب فك السحر, وعندما قلت له ذلك: ثار عليّ, وسخر مني.
هو يسمع القرآن, ويصلي, ولكنه غير ملتزم بأوقات الصلاة, وأنا لم أسمع كلام الناس أن أذهب لأحد ليفك السحر؛ فإيماني بالله ومشيئته أكبر من إيماني بأي أحد آخر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ غادة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلًا وسهلًا ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت, وعن أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن ييسر أمرك، وأن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يصلح ما بينك وبين زوجك، وأن يصرف عنك هذه الآلام النفسية، وأن يُذهب عن زوجك أيضًا كيد شياطين الإنس والجن، وأن يوفقك لاتخاذ القرار الصائب الموفق، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك – أختي الكريمة الفاضلة – من أن زوجك قد تزوج عليك في السر من امرأة إندونيسية كتابية, ورغم التزامه إلا أنها ليست في المستوى الذي ينبغي، إذ أنها تخرج سافرة، وفكرت في اتخاذ قرار الطلاق، ووافق عليه زوجك بسهولة وللأسف، ولكنك تراجعت عن ذلك حرصًا على مصلحة أولادك، رغم ما تعانينه من آلام وعذاب يومي، وأخبرك بعض من سألت بأنه قد يكون مسحورًا، وأنه يجب عليكم فك هذا السحر، وعندما أخبرته بذلك ثار عليك وسخر منك، وتسألين ماذا تفعلين؟
أولًا - أختي الكريمة الفاضلة – فيما يتعلق بقضية السحر فإني أحب أن أبيّن لك أنه من الممكن أن يتم علاج السحر دون أن يشعر زوجك، فأنت تستطيعين أن تقومي بقراءة الرقية الشرعية على كل شيء يأكله في بيتك، وحتى الماء الذي يشربه تستطيعين أن تقرئي عليه الرقية الشرعية, وأن تضعيه في الثلاجة، وهو تلقائيًا سيشرب هذا الماء، فإذا كان هناك شيء فمع الأيام سوف ينتهي بإذن الله تعالى.
كذلك أيضًا من الممكن أن يتم ذلك في مسألة الطعام، فقضية السحر يمكن علاجها بهذه الطريقة ما دام أنه لا يرى ذلك, ويرى أنه ليس مسحورًا, ويرى أن هذه أمور تخترعينها من تلقاء نفسك، فأرى أنك من الممكن أن تقومي بعملية الرقية الشرعية دون أن يشعر هو بذلك، والرقية الشرعية - كما تعلمين - مجموعة آيات من كلام الله تعالى وبضع أحاديث من هدي النبي المصطفى محمد - صلى الله عليه وسلم – وهي متوافرة بكثرة في كتب وكتيبات ومطويات في كل بلاد المسلمين، كذلك أيضًا هناك أشرطة جاهزة بها الرقية الشرعية، ولو كتبت في أي موقع من مواقع البحث على الإنترنت - جوجل مثلًا – عن الرقية الشرعية فسوف تخرج أمامك مواقع كثيرة ومتعددة ومتنوعة لبيان الرقية الشرعية وطريقة استعمالها، إلى غير ذلك.
ثانيًا: فيما يتعلق بقضية عدولك عن طلب الطلاق: أرى أن هذا أمر موفق، وأن هذا من تأييد الله تبارك وتعالى لك؛ لأن الطلاق ليس حلًا للمشكلة, وإنما هو علاج مشكلة بمشاكل متعددة متنوعة، والذي أراه فعلًا الاستمرار في حياتك الزوجية، وعدم التقصير في حق زوجك؛ لأنه من الأخطاء الفادحة التي تقع فيها بعض الأخوات اللواتي يتزوج أزواجهنَّ عليهنَّ إهمال الزوج, والانصراف عنه, والبعد عنه؛ مما يترتب عليه أن الزوج لا يجد أمامه حلًا إلا الطرف الآخر، وبذلك كأنك تسلمينه لها على طبق من ذهب، وقطعًا هو عندما يجد منك إعراضًا وصدودًا, ويجد منك عدم اهتمام كالسابق, وعدم اهتمام في نفسك، وعدم استقبال حسن، سيقول – كما يقولون – بركة يا جابر، بهذه الطريقة سوف يرتمي في أحضان الأخرى، وسوف تكون هي المقدمة والحظية، وتصبحين أنت عبارة عن شيء احتياطي، وهذا كله نتيجة عدم فهمك للعبة التعدد.
ومن هنا فإني أقول لك - أختي الكريمة الفاضلة -: أرى أن تحافظي على مستوى العلاقة مع زوجك، بل أتمنى أن تكون أفضل من السابق، وألا تهملي نفسك بحال من الأحوال، وعليك بالاجتهاد في الدعاء, والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن يصلح الله تبارك وتعالى حاله، أو على الأقل أن يعينه على العدل بينكما.
وأما قضية أنها غير ملتزمة, وأنها غير مسلمة, وأنها سافرة، فهذه قضيته، وحسابه فيها على الله تعالى، وأتمنى - إن كنت تسمعين نصيحتي أختي الفاضلة غادة – ألا تثيري هذه المسألة معه مطلقًا، فاتركيه الآن وشأنه، واتركيه مع هذه المرأة التي اختارها، وحافظي أنت على بيتك، وحافظي على أولادك، وحافظي على علاقتك مع زوجك، خاصة ما دام أنه لا يقصر في حقك وفي بيته, ولا يقصر معك في شيء, ويقوم برعاية أولاده ومتابعتهم، فأرى أن تحاولي قدر الاستطاعة عدم التفكير الدائم والمستمر في هذه القضية؛ لأن تفكيرك المستمر والدائم فيها سيؤدي دائمًا إلى حدوث نوع من التوتر, ونوع من الشد العصبي، وبالتالي مهما كنت جميلة, ومهما كان أداؤك رائعًا فسوف يظهر على وجهك أنك غير راضية, وأنك غير مستريحة, وأنك لا تطيقين رؤيته، وبالتالي ستدفعينه إلى الطرف الآخر بكل قوة, ولعله إلى غير رجعة.
فأنا أرى ألا تعطي الأمر أكبر من حجمه، وأن تتركي الأمر ما دام قد تم؛ لأن أن الأمر إذا لم يكن قد تم فمن الممكن أن يكون التهديد مُجديًا، أما وقد تم الآن وأصبحتْ هي زوجة له - حتى وإن كان في السر – فأرى أن تتعاملي مع هذا الواقع، وكلما حاول الشيطان أن يضغط على أعصابك بإثارتك بأن هذا الموضوع ما ينبغي, وأنه نوع من الخيانة, وليس هذا جزاء الحب, وأن زوجك هذا كذا وكذا وكذا، فأرى أن تستعيذي بالله تعالى من هذه الأفكار السلبية المدمرة، وأن تتوجهي إلى الله تبارك وتعالى أن يعينك على تحمل هذه المعادلة الجديدة، وأن يعينك على أن تكوني زوجة مخلصة وبارة ووفيّة، وأن يعينك أيضًا على إعطاء زوجك حقه على الوجه الأكمل, وألا تقصري في نفسك، لعل وعسى أن يكون هذا الأسلوب مقنعًا له بعودته إليك، خاصة وأنك -ولله الحمد والمنة - مسلمة مؤمنة, صاحبة دين, وأنت أم الأولاد, وأنت الأصل في حياته.
فاستعيني بالله تعالى، وتوجهي إلى الله سبحانه بأن يؤلف بين قلبك وقلب زوجك، وأن يصلح ذات بينكم، وأن يعينه على العدل بينك وبين زوجته الأخرى، ولا تكدري حياتك بسبب هذا الموضوع، وعيشي حياتك كأن لم تكن هذه المرأة موجودة في حياته، وإذا دخل بيتك فلا تسألي عنها, ولا تكدري على زوجك وعليكِ حياتكم.
هذا وبالله التوفيق.
الكاتب: الشيخ/ موافي عزب
المصدر: موقع الشبكة الإسلامية